دعاء ليلة العيد

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أقدم لكم دعاء ليلة العيد

اللهم كنا في اعيادنا الماضية، امة واحدة، وبلدا واحدا، واملا واحدا .....، فاصبحنا اليوم نهرب من شبح التقسيم ونخاف نار الحصار، ونبكي من نار الغارات، ونشكو من ويلات نقاط التفتيش، ونرجو ضابط الامن ان يسمع "للأُم" المريضة ان تمر الى عيادة الطبيب قبل ان تلفظ انفاسها الاخيرة .... وتموت!

اللهم ان غيرنا من أُمة البشر يتطلعون الى الغد او الى المستقبل، اما نحن فان غدنا قد بات في امسنا، ومستقبلنا قد عاد الى ماضينا، فاللهم اعدنا الى امسنا السعيد لكي ننسى حاضرنا الشقي!

اللهم ان قضيتنا قد تحولت الى لعبة "الغماية" ويسمونها في مصر "حاوريني يا طيطة"، فالمفاوضات للتسلية، والاتفاقات "حبة اسبرين" او "اكامول"، والوعود من اجل النظر مع صور اصحابها الميامين والرحلات للتسلية والخطب لاضاعة الوقت، والكلام – اي كلام – لكي يتذكر سيادة الرئيس بان فلان او فلان او فلان ما زالوا على قيد الحياة!

اللهم ان اسعار البترول التي تضاعفت وطارت الى عنان السماء، قد شغلت اصحاب البترول عنا، وصرفتهم عن القدس والاقصى، وغمرتهم بالاسترخاء والنوم، وشجعتهم على المضي في التلذذ بمباهج الحياة، ولم يبقى لنا من أمل صغير سوى ان ينشف البترول – بارداتك – لكي يعود العرب الى حياة الخيام، ويعود الرشد الى الرجال، وتعود فلسطين الى اصحابها ..!!

اللهم، في هذا اليوم بالذات، ومنذ "90" سنة صدر الوعد الذي باع فلسطين واهل فلسطين في سوق النخاسة، بارخص الاثمان، ومن شعب "لا يملك الى شعب لا يستحق"، وهكذا علمنا "جمال عبد الناصر"، وهكذا كان يقول لنا عبارته الشهيرة عن وعد بلفور.. وفي هذا اليوم بالذات، كنا نرفع الاعلام السود، ونمشي في شوراع القدس ونهتف بسقوط الوعد، واصحابه.. ونتحدى البوليس البريطاني والجيش الاستعماري والانتداب الملعون، وكان يقودنا الى النصر شباب من طراز "سامي الانصاري" ورفاقه الابطال.. اما اليوم فقد سكت صوت الشباب وتلاشت الغصة وماتت المروءة وانتصرت ارادة الزمن على نار الاهل والصحاب واصبحنا نمشي في شارع "مأمن الله" بالقدس فلا نسمع ولا نرى الا مشاريع بناء جديدة، ولفنادق جديدة ودكاكين جديدة واعلام اسرائيلية زرقاء وشعارات يهودية ملونة وكلمات لا تهين الحاضر وحده وانما تهدد المستقبل باسره!

اللهم لقد تحول صدام حسين الى مجرد نكته عالمية يضحك لها الصغار قبل الكبار ويرويها الامريكي قبل العربي، وتبرزها صحف القاهرة ودمشق قبل ان تبرزها صحف بغداد.. وتساهم محطة "الجزيزة" في صب الزيت على النار، وتصور رئيسا عربيا سابقا – كل جريمته انه آمن بالشارع العربي – ووثق بالهتافات العربية وسندا بصوره وتماثيله الموزعة على ميادين بغداد والبصرة والموصل بانه قادر على تحرير فلسطين وعلى الانتقام لشرف العرب الضائع تحت النعال فكان جزاءه عند "الجزيرة" التي تقيم في عاصمة عربية بترولية خليجية لا تنفع ولا تضر وعلى اكتاف مجموعة من المواطينين السوريين والفلسطينيين والعراقيين المعروفين بمواقفهم السابقة وميولهم السياسية المعروفة انه - اي صدام - تحول الى نكتة.. تحولت صورته الى سخرية ورأيناه وهو يغسل ثيابه الداخلية، وقد بدت صورة جسده السمين الملطخ بالشعيرات السوداء والبيضاء المتفرقة وكأنه طرازن في احد الافلام الامريكية بجواره قرد يصرخ وطفل يضحك وامراة شبة عارية!!

اللهم ان هذا حرام ...

اللهم ان في هذا اهانة لكل رئيس او مسؤول عربي ..!

اللهم اننا ندين صدام حسين حتى الموت، ولكننا ندين معه او ندين قبله او بعده الرئيس المراهق "جورج دبليو بوش" الذي ما اصاب عراق العرب على يديه العار والشنار.. خراب البصرة

اللهم هل كتب علينا ان نبقى على مواعيد محددة سابقة مع روؤساء امريكيين يتسابقون في اعلان عدائهم لكل ما هو مسلم ولكل ما هو عربي .. والا لماذا لا نكاد ننسى "هارى ترومان" حتى يطل علينا "جورج بوش" ولا نكاد نتجاهل تاريخ "الدكتور هنرى كيسنجر" حتى تحل مكانه السيدة الشمطاء مادلين اولبريت ولا نملك الا ان نلعن السادة مع حفظ الالقاب: فانس مع مليون فانس من اشكاله!

اللهم لقد اوشكنا ان نمل وان نتعب وان نسكت على المزيد من الشكوى والتأفف والصراخ!

فقد بلغ السيل الزبي ولم يعد اللسان قادر على الكلام ولم يعد هذا القلم قادر على الكتابة! اننا لم نعد نثق في أية هدنة او أية استراحة او أي سلام او أي تفاهم او اية تهدئة او اي اجتماع تمهيدي للدراسة والتخطيط ...

اللهم اننا نؤمن بك ، ولكننا او شكنا ان نكفر.. بالزمن والقدر والناس!

ان رئيس ايران لا يفكر الا في شعبيته المطلوبة في الشارع الايراني، ولهذا امطرنا بتصريحه الاخير وقبضت اسرائيل مقابل ذلك كل ما تتنماه من تأييد وعطف ومناصرة على يد كل رؤوساء العالم!!

ولم يتردد رئيس "باكستان" عن التشبه بزميله الايراني فراح يتودد يوما لاسرائيل ويهدد اياما بالانتصار للعرب واقامة الدولة الفلسطينية الموعودة .. باذن الله!!

وكان الله في عون "ابو مازن"- هذا الصفدي الفلسطيني الصابر المصابر!!

وكان الله في عوننا على "ابو مازن" وعلى زملائه من الرؤوساء العرب في القاهرة والكويت وتونس والجزائر والامارات والسعودية .. العربية!!

اللهم اغفر للجميع لعل عفوك او مغفرتك تعيد الرشد والحياء لمن فقد الرشد والحياء!!!

فهذا اضعف الايمان ... وهذا دعائي ودعاء عشرة ملايين فلسطيني معي في ليلة هذا العيد الذي يسمونه سعيدا!!

ونحن نسميه جديدا... او طارئا .. او غريبا ... او عابرا

اللهم ارفق بسوريا وانقذها من اهلها وحلفائها العرب في داخل سوريا وفي داخل لبنان، وامنح اللهم بشار الاسد العقل والذكاء لكي يفهم ان ايام "خالد بن الوليد" قد دانت ومضت وان الذين اجرموا في حق لبنان هم انفسهم الذين اجرموا في حق سوريا وان اقوال معاوية بن ابي سفيان المليئة بالوصايا التي تحث على التبصر والتروي والتعقل ومهادنة الخطر بغية الانتصار عليه ... موجودة عنده وما عليه الا ان يقرأها..

اللهم ان سوريا بلد عربي اسلامي قد ثار على الوحدة مع مصر لحساب سوق الحميدية ومكاسب التجار السوريين فلم يعد غريبا لو ثارت سوريا على وجودها في لبنان وعادت بالرفاة والبنين الى معسكراتها على شواطئ نهر بردى ... العتيد ..!

اللهم ارحم سوريا واسدها الشاب، وارحمنا جميعا فقد اصبحنا بحاجة الى رحمتك .. والى عفوك والى ان لا تصبح دمشق شبيهة بغداد في الخراب والتدمير .. والتقسيم!!

انك – يا رب – على كل شيء قدير ..!!